October 4, 2011

ماذا قال الأخرس للأطرش ؟؟


ماذا قال الأخرس للأطرش  ؟؟

م. محمد أنور رياض
كتاب العلمانية الذين يهاجمون الإخوان لم يدركوا سر انتشارهم لدرجة قيام العديد من المراقبين بتصنيفهم علي أنهم القوة السياسية الأولي في مصر بل وزاد من دهشتهم وجود معادلة رياضية مفادها أنه كلما زاد حسادهم تضاعف عدد محبيهم وارتفع شأنهم ... والسر الذي ليس سرا وانما انغلق فهمه علي هؤلاء الذين أغلقوا كل منافذ الفهم علي أسبابه ــ بعكس ما يدعونه من اتباعهم الحداثة وريادتهم في التحليل العلميـــ ... السر بمنتهي البساطة هو حيوية الجماعة وتماسكها وامتلاكها آليات التطور والتفاعل مع الزمن.... ومن يريد المزيد فلينظر إلي هيكلها الإداري وبنيانها المرصوص الذي يقوم علي بناء الإ نسان الذي اختصه الله بالتكريم وأمر الملائكة بالسجود له في مناخ من الأخوة والتضامن الأسري وإعلائها لقيم إنكار الذات والتضحية وخدمة الغير كنوع من التعبد والقربي إلي المولي عز وجل ...الإخوان ــ بعكي ما يشيعون ــ هم رواد التقدمية والأخذ بأسباب العصر الحديث في حين توقف الزمن بالآخرين الذين تفرغوا لمهاجمة الإخوان عند الخمسينات وبعضهم قبل ذلك ...و يحضرني في هذا المقام مشهد لم يغب عن الذاكره بعد عندما قام تسوماني من التحليلات التي صاحبت إعلان أخونا الصابر المجاهد أستاذنا مهدي عاكف عن اعتزاله موقع المرشد ورجوعه جنديا في الصف وبدلا من الإشادة بهذا الموقف الغير مسبوق في بلد يتأبد فيه كل من يجلس علي كرسي من كراسي السلطة قوبل قراره بعاصفة إعلامية تنكر خلالها من صدعوا رءوسنا بتداول السلطة لدعاويهم علي اعتبار أن الإخوان صنف آخر من الناس كل ما يفعلونه جدير بالإدانة ومن غير مسموح الإشادة بأي عمل لهم ..... تحركت ماكينة الهجاء والدس لتلفظ سمومها عن صراع يدور بين تيار اليمين من المحافظين وتيار اليسار من الإصلاحيين وعن القطبيين الذي يخطفون الجماعة وصوروا الإخوان وكأنهم جماعة قامت علي بعض طحن بالكراسي ولم ينقص كذبهم إلا عن ذكر عدد الجرحي وسيارات الإسعاف التي نقلتهم وأسماء من في حالة حرجة تم علي أثرها دخولهم غرف العناية المركزة ...ثم دارت الأيام لتكذب ظنهم بل وتسفر عن قادة من الجيل الوسط كلل الله جهادهم وإخلاصهم بأن تم في عهدهم التخلص من حكم مبارك التعيس نعمة وهبة ونصرا من عنده لمن ينصره بل وأصبح مرشدهم علي لائحة كل من يزور مصر من قادة الدول سعيا لمقابلته بعد أن كان ممنوعا ذكر اسمه حتي في عزاء صفحة الوفيات ... هل توقفوا عن دسهم ... وهل غيروا واستحدثوا وجددو ...أبدا

لا أريد أن أتكلم بإفاضه عن الحشد والأبواق الإعلامية التي ليس لها شغل سوي الكلام عن المرأة والأقباط وتطبيق الحدود بقصد زرعها في وعي العامة من الشعب فزاعة ومانعا وعائقا وتنفيرا من المنهج الإسلامي ... ولا أريد أن أذكر أساليبهم الغير أخلاقية في نصب الكمائن الإعلامية باستضافتهم من يتوسمون فيه ضعفا في المعرفة والأداء الإعلامي ليكون ممثلا للطرف الإسلامي في مقابل طرف متمرس بالزور وأسطي في التدليس .. يذكرني ذلك بشكوي سيدنا عمر بن الخطاب عندما قال اللهم إليك أشكو ضعف التقي وقوة الفاجر ...ولكن سأتناول نموذجين آخرين تصدرا المشهد في الآونة الأخيرة...

رفعت السعيد ... وما كنت أود ذكر اسمه لولا مداخلة في أحد البرامج الحوارية فإذا به يقحم إسم الإخوان بدون مناسبة علي اعتبارهم أنهم لم يشاركوا في الثورة في يومها الأول وإنما ركبوا موجتها وهي أكاذيب يروجونها دحضها العديد من الشهود حيث كان شباب الإخوان في القلب منها تخطيطا ومشاركة وحماية وشهداء وجرحي وتعرض قادتهم لاعتقال وقائي قبل قيامها بساعات لرفضهم تحذيرات أمن الدولة بأن يلزموا بيوتهم ولا ينزلوا إلي الشارع ولا ينكر إلا الأعمي جهادهم السابق علي الثورة مما كان له أكبر الأثر في التمهيد للتخلص من حكم مبارك ومن ورائه مخابرات الغرب وبني صهيون وكان وقودها ما نالوه من عنت وملاحقة اعتقالا ومصادرة لأرزاقهم طوال سني حكمه البئيس ...و هم لا يمنون علي أحد بذلك ... رفعت السعيد يقول متفاخرا عندما ظهر الخلاف حول قوائم المرشحين أنه حذر الوفد من التحالف مع الإخوان وو بصرف النظر عن بعد نظر السعيد (الِفتك) وباستبعاد تهمة من يستخدم من.. ومن الأكثر استفادة ممن التي أثارها ....فإن المعلوم بالضروة في السياسة أن تقوم تحالفات يري كل طرف أنها تحقق له مصلحة ما... وهي تحالفات مهما طال زمنها فإنها عرضة للفراق ... ومن السذاجة رمي أحد أطرافها بأنه دخل فيها بعد أن سقاه الطرف الآخر حاجة أصفرا والمدقق في أحوال الساحة السياسية وظروفها الموضوعية يري أن الإخوان هم من يحمل كل العبء في هذا التحالف تنازلا وإنكارا لذواتهم في سبيل معني مثاليا ورائعا وهو أن المرحلة ومصلحة مصر ومشاكلها المتجذرة والمتشابكة لابد فيها من مشاركة الجميع في توحد وتفرغ للبناء بدلا من مشاحنات تتبدد فيها الجهود ...و يضيع معها المواطن ..

هذا بعض من كل ... ولا أريد أن أذكر السعيد بمفاوضاته مع صفوت الشريف الذي خدعه بتخصيص (كوته) له في الانتخابات الأخيرة ... ثم ضربه البمبة العظيمة واستخسر أن يعطيه كرسي ولو في طرقة مجلس الشعب ...و لا أريد أن أذكره بأنه كان جزءً من نظام مبارك باعتباره أحد رؤساء حزب كان المفروض فيه حسب مبادئه أن يكون مدافعا عن حقوق الطبقة الكادحة فاكتفي من النضال الجامد بخطبة عصماء في مجلس الشوري محذرا من ثورة الجياع وهو ما كان يُنظر إليه علي اعتبار أنه ( تفييص وحعجعة)لا وزن له وهونفس ما كان مسموحا أن يكتبه ويقوله أي صحفي مبتدئ في جرايد الحكومة ... السعيد لم يعتذر حتي تاريخه من ارتكابه خطيئة قبوله كرسي في مجلس الشوري بالتعيين في حين كان دخول الشوري محرما علي الإخوان وخط أحمر يستباح فيه استخدام كافة أنواع التزوير والبلطجة ... بقي سؤال لا أجد له جوابا هو كيف يستمر واحدا في ساحة السياسة عشرات السنين بل ويصبح رئيس حزب وكل رأسماله هو عداءه للإخوان وكل كفاحه كان موجها ضدهم وكل ما يفعله بإصرار هو الهجوم عليهم قبل الأكل وبعده .... حد عنده إجابه ؟؟؟؟ ...يا مُسهِّل ...

المثال الثاني هو هيكل (الأستاذ)

و قد أغناني عن كثيرمما يمكن أن يقال هو ما كتبه الدكتور محمود غزلان في مقال رائع نشره الأهرام ردا علي ماكتبه هيكل أخيرا عن الإخوان والإمام البنا ولا يعيب مقال الدكتور غزلان سوي الأدب الشديد واللهجة المتزنة والموضوعية المتأنية في تفنيد ما جاء به هيكل علي أنه حقيقة مطلقة لا يملكها غيره وفكرا صائبا لا يراها سواه علي اعتبار أنه حكيم السياسة وقاموس الصحافة ورغم أنني وددت لو أن الدكتور غزلان استخدم بعضا من العبارات الموضوعية وتسمية الأشياء بأسمائها عن كل من لا يذكر الحقيقة ويغيبها عمدا عن الناس وأن يسمي كل إنسان بصفته عندما يفتري علي التاريخ الموثق... إلا أنني سأتبع نفس المنهج في نقد هيكل الذي لا أنكر له أستاذيته في مهنته ومهارته المتميزة في فن المقال وقدرته الجبارة علي سحب القارئ والطواف به راكبا عبارات مدهشة يتوقف به عندما يضغط علي فرامل الفقرة ليؤكد له موقفا يمدحه ويريد تأكيده ولابأس من قصة ظريفة أوبيت شعر جميل يسوقه كنوع من الترفيه ورشوة ليستمر معه منقادا ... وقد ينطلق به قفزا فوق حقيقة حتي لا يتعثر فيها وتخالف ما يرمي إليه وقد يطير به متجاوزا حقبة من الزمن يريد ها أن تندثر من التاريخ ... باختصار هيكل يعتمد في كتاباته علي ذكر جزء من الحقيقة... نسبة مئوية يقدرها علي حسب ثم يسوقها ويبيعها باعتبارها الحقيقة الكاملة التي لا تقبل ذرة من شك ... أما بالنسبة لما يكتبه عن الإخوان فإنه أذكي من رفعت السعيد وإن كان ما يجمعها عداء تاريخي دفين إلا أن هيكل عندما يهاجم الإخوان فإنه يمدحهم في سطر ويغمزهم في سطر آخر وهذا ــ في ظنه ــ يعطيه مصداقية في قول ما يدسه عليهم في العشرأسطر التالية ...أحيانا تذكرني كتابات هيكل بالأخرس الذي قال لواحد أصم أن واحدا أعمي شاهد واحد مكسح يجري وراء واحد أقرع ليشد له شعره ....

هيكل ...ليتك تصمت ...فقد أدبر زمنك ...

 

No comments:

Post a Comment