July 16, 2011

حكومة الثورة هي الحل

من يريد إثارة فتنة لن يقف خطيبا ويفتح حنجرته علي آخرها صائحا  أيها الناس انتبهوا لأني أفتنكم ... أصول الشغل عند زرع الفتن   تقتضي نعومة الحركة و  )الدحلبة (  والتسلل و الأهم من ذلك  وجود بيئة تسمح بتلبيس الحق مع الباطل ... ملعقة من الحق تضاف إلي مكيال من الباطل و علي نار هادئة تتم الطبخة ...و المهم وجود حلقة من الجياع ينظرون في لهفة إلي  الطاهي ( الأوسطي الشيف )و هو يقوم بعملية  الإنضاج ... بعدها لن يندهش أحد و هو يري التدافع و الصياح إلي حد الهستريا ممن غابت عقولهم و قادتهم بطونهم  لتناول الطبيخ المسموم ...
منذ قيام الثورة و البلد واقعة تحت منخفض جوي سياسي و اجتماعي و اقتصادي لم يترك مربعا من أركانها دون التعرض لعاصفة ما  و في بعض الأحيان تنزل الشبورة الكثيفة التي تصل إلي حد الضباب علي عموم أرجاء الكنانة فتنعدم الرؤيا تماما و يصبح التخبط هو سيد الموقف ...
لم تكن الثورة عملا أرعنا ...أو خروجا أهوجا بلا عقل ... أو اندفاعا نحو التهلكة بلا عائد  أو مخاطرة أقرب إلي الانتحار غير محسوبة التكاليف ... بالعكس كانت مصر كلها تدرك و تعلم علم اليقين و عين اليقين أنها ستنتصر و عليها أن تدفع ثمن الحرية من دماء شهدائها لأن هذه هي سنة الكون و ما كان نضال الإخوان و ثباتهم في مواجهة عصور القمع و الاستبداد إلا عن يقين بأن النصر لابد آت و أنه قريب لأنه بكل بساطة وعد من رب العالمين ... لم يكن ثبات بلا منطق ...و لا جهاد بلا فكر و تخطيط ...و هنا لابد من التنويه و الاشادة بكل شركاء الوطن الذين رفضوا الظلم و القهر و وقفوا جميعا في خندق الوطنية  و اجتمعوا علي أن مصر العظيمة لا تستحق الهوان و التقزيم
دعونا ننتبه إلي أن أهم المبادئ الثورية التي  أدت إلي نجاح 25 يناير ... هو الإ جماع علي هدف واحد يتعلق با سترداد الحرية المغتصبة   و دفاعا عن الكرامة المهدرة  و ضد الظلم و الفساد ...عندها حققت الثورة  أكبر أهدافها... أما عندما تعددت المنابر و اختلفت الرؤي  و اختلت الثقة و غابت الشفافية  و لعب الشك في وجود اختراقات   و دخلت الايدولوجيات  و الأهواء علي الخط  تبين أن بعض  المواقف تتواري خلف  أوراق من التوت تعري أكثر مما تستر حتي و إن ادعي أصحابها ــ بحسن نية أو بغيرها ــ بأنها ( الثورة أولا أو آخرا )...أو أنهم يتحدثون بإسم الشعب و يمثلون تياره الغالب بدون دليل أو( أمارة) ...
دعونا ننبه إلي أن الثورة ليست حالة َمَرضِيّة مزمنة تصاحبها نوبات مستمرة من الرفض لكل شيئ في تشنج و عصبية و صراخ زاعق .... الثورة ليست سباقا في التصعيد و رفع سقف المطالب من غلق مجمع التحرير إلي العصيان المدني...إلي وقف الملاحة في قناة السويس  و تعطيل البورصة نهاية بطلب لبن العصفور ...الثورة  هدفها أكبر من المطالبات المرحلية ... الثورة فعل و عمل و بناء و علي رأي إمامنا الشعراوي ( الثائر الحق هو من يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد )
إذا أردنا أن تنقشع الشبورة و يختفي الضباب علينا  أن نرجع إلي أصل المشهد ... عندما انهزمت قوات شرطة النظام و نزلت القوات المسلحة إلي الشارع  كان أمامها واحدا من ثلاثة خيارات إما أن تضرب في المليان تنفيذا لأمر قائدها الأعلي أو تقف علي الحياد تاركة المجال لحرب أهلية بين الثوار و فلول النظام من بلطجية و وحوش أمن الدولة تمولهم ثروات منهوبة و مخابرات أمريكا و إسرائيل   و هما خياران كلاهما مر من شأنه دموية المشهد و فوضي و دمار و ربما أدي إلي تفكك  المؤسسة العسكرية و انهيارها في النهاية ... إلا أنه مما يحسب لهؤلاء الضباط الوطنيون أنهم حسبوها صح و انحازوا إلي أهلهم و شعبهم ... هذا موقف أضعه ــ شخصيا و لا ألزم به أحدا ــ أضعه فوق رأسي إكبار و حبا ...و من هذا المنطلق أعترض علي بعض مواقفهم و لا أرضي عن البعض الآخر و أقدم التماس العذر و البحث عن المبرر و تقديم النصح  المصحوب بالاحترام ....هذا رأييي  ...
رجال المجلس العسكري  ليسوا ملائكة و لا ثورا أبا عن جد  ...و لكنهم تربوا علي نظام منضبط من الأوامر و النظام   ...أما رئيس الوزراء فليس عفريت من الجن أو  عنده علم من الكتاب و وزراءه  ليسوا من طراز السوبر مان و لا يملكون مصباح علاء الدين و إنما الجميع بشر  دفعتهم الأقدار إلي مواقعهم    و رثوا مؤسسات للدولة فارغة من مضمونها يقوم علي شئونها مسئولون  فرز أمن الدولة   وعلي دين مبارك من التعالي و النفخة الكدابة و حب المظاهر و احتقار المواطن ...جهاز حكومي  تشوه  بالفساد و الطناش و اللامبالاة   و تغلغل العفن  في عمق صفوفه و في  كثير من المواقع استقر في  النخاع ... بيروقراطية لاخبرة لها إلا في تعطيل المراكب و وضع العصا في العجلة استعصت علي الإصلاح و فشل معها الوعظ و الإرشاد  في غياب من المساءلة الحقيقية  و اختفاء القدوة الصالحة ....هذا الجهاز الإداري ( مخترع عبارات فوت بكره .. أو فوت أمس ... و فتح عينك تأكل ملبن و أبّجني تجدني ) في حاجة إلي الهز بعنف و الفرز المستمر و التخلص من لوائحة المتخلفة ... ثورة إدارية حقيقية  و علاج يحتاج إلي وقت و حنكة حتي لا تنهار الدولة ...  تنتابني رغبة عارمة في التخلص من كبار الموظفين و المئات من ضباط الشرطة  و إقامة مجزرة تنال من رقاب طالما حملت رءوسا استعلت و استكبرت  في عتو وتنطع....
 ...لست وحدي من يحلم بوطن تسود فيه العدالة ... المسئول فيه يشعر بأنه خادم لأبسط مواطن ... هذا الحلم لن يتحقق بالهتاف أمام مجلس الوزراء ( قاعدين ليه ...قوموا روحوا ) يُستجاب له  باستبدال وزير بوزير أو رئيس وزارة بآخر..... هذا أسلوب  و تلاعب ينتمي إلي عهد مبارك لامتصاص الغضب و التحايل ... و لكن تتحقق أهداف الثورة  بوصولها إلي كل فرد من هذا الشعب ...عندما يلتزم سائقو السيارات و خاصة  سائقو الميكروباص بقواعد المرور بلا سباب أو بلطجة  ... و عندما لا ينتهز الفلاح غياب الشرطة  فيزرع الأرض الزراعية ــ تبديدا لثروة لا تُعوض ــ في غابات من الطوب و الاسمنت ...و عندما يعلم الموظف و العامل أن الساعة ستين دقيقة و أن يوم العمل هو 8 ساعات تتخللها ساعة للراحة و تناول الطعام و ليس مكان العمل تكية و سبوبة مجانية للاسترزاق  ...و عندما تتخلص المدارس من (غُرز البانجو) وتستعيد دورها المفقود في التربية و التعليم...
 تتحقق أهداف الثورة  بقيام حكومة الثورة  و عندما يعلم الجميع أن بلدنا يتسع لنا جميعا ينال فيه المجد ثمرة عمله و يقع المقصر في قبضة العقاب  ... هذا لن يتأتي إلا بعبور الفترة الانتقالية سريعا سريعا و(رحيل ) حكومة( الظهورات ) المؤقتة  المترددة  و نهو خدمتها باستمارة ( 6 ) يعني مع ألفين سلامة ...,  حكومة الثورة  لا تدفعها محاسن الصدف إلي سدة الحكم و إنما تفرزها صناديق الانتخاب تمثل إرادة الشعب و تستمد قوتها و شرعيتها منه ..  تلتزم بما قدمته من وعود و برامج   تخضع  للمساءلة و الحساب تنال الثقة أو تُسحب منها داخل البرلمان و ليس في الشارع و الميادين ...
... كل ما نراه الآن من فتن و زرع ألغام  هي  محاولات ضارية  لعرقلة الوصول إلي هذه الغاية التي حُرمنا منها أكثر من 60 عاما و التي ــ بالضرورة ــ ستنهي المستقبل  السياسي لغير المأسوف عليهم من البهلوانات و المتآمرين ..
فهل ينجح فلان وفلان  في مسعاهم  الشيطاني ...؟؟؟
الذي أعلمه أن كيد الشيطان كان دائما ضعيفا

No comments:

Post a Comment