March 10, 2010


المسحراتي

سياة الرئيس محمد البرادعي
أنا واحدة من الشعب أمثل نموذجا للمثل القائل ــ بعد  التعديل ــ ( لا ) ترحموا عزيز قوم ذل ...لا أريد أن أخوض في كثير من التفاصيل  إلا  أنه من الأصول و الواجب  أن أعرفك بالقليل عن نفسي ...
انا يا سيدي سليلة أسرة كانت من كبار التجار  تدهور بها الحال بعد الثورة التي صادرت عرق السنين و تركة الأجداد  لأجد نفسي ــ بعد العز و البغددة ــ أبدأ طفولتي في نظام عبد الناصر  الذي حول البشر بعد عمليات من الفك وإعادة التركيب  إلي نماذج مكرره مسخرة لخدمة ما يراه  حاكم متحكم فقتل الحافز   وصادر الطموح  لشعب أصبح  لا يعرف  عن المستقبل إلا! ! !   أول الشهر عندما يحصلون علي الرواتب ...اللحاليح المقننة مع مواد التموين المقررة... و فيما عدا ذلك فهي تطلعات طبقية تقود صاحبها إلي خانة أعداء الشعب و الثورة المضادة و لأن الحيطان لها آذان فقد كان الجميع في فزع من الهمس حتي  ــ بأحلام اليقظة ــ بجوارها ...
   وبعد رحيل عبد الناصر الذي قفلها وسنكرها  جاء السادات علي العكس  ـ لابسا ثوب ( أنا راجل ستراتيجي يا بني )...رجل مغرم بالصدمات ــ جاء  ليضع  الشعب  في جهاز للطرد المركزي  ماركة انفتاح السداح مداح ... أخضعه لدورات عنيفة فجائية  أفقدته ما بقي من اتزانه ... و  ليطفو فوق سطح المجتمع بجماعات التقريع و الفهولة و كل من فهم مبكرا أن الهبش ــ بدلا من العدل ــ قد أصبح أساس ال! ! ! ملك ... و ترك في القاع بقية الشعب التائه    مغيبا بفعل بنج الحقبة الناصرية ومن حكم بعدها و  الذي صار إدمانا و ضرورة لضمان تمام خضوعه لورثة  الحكم بعدها ... و كان لابد أن  ينـتهي بنا الحال غرقا  في وحل المشاكل وانسحاقا تحت مطارق تتوالي بانتظام فوق الرءوس فتشلها عن البحث في الخلاص أو حتي الاحتجاج و  التمرد ....و اكتمالا  لحلقة السيطرة و ضمان الاستقرار و استمرار  وضع الانفصال بين من طفا علي السطح ومن استقر في القاع  كان توغل الدولة الأمنية التي تعيش هاجسا و شكا تصحو وتنام عليه لتحمي واقعا من التشرذم و التدهور يتكاثر فطريا داخل بركة الوطن الراك! ! ! دة و الآسنة ...
الخمسين سنة التي مرت علينا جميعها حفلت بتقلبات و أعاصير شقلبت العالم من حولنا  ....إلا أننا بقينا ثابتين في المركز يدور الجميع حولنا ...و ذلك كله بفضل ما ورثه الحكم اللاحق من السابق ثابتا أصيلا  هو نظام الفك و التركيب في بنية البشر من سكان الكنانة و تحويلهم إلي كائنات هي أقرب الشبه بالإنسان الذي يمشي علي قدمين متكيفا و قانعا بمصيبته و نصيبه من الحياة في مقابر العشوائيات و فيما يسمي بمجتمعات محدودي الدخل و مهدودي الحيل...
سيدي الرئيس
لا شك لدي في ادراكك لحجم ركام المشاكل التي نرقد تحتها و لا أدري كيف ستواجهها .. ..و لكني أذكر لك تجربة شخصية لي ... وأرجو  ألا  تضحك أو تسخر مني ... ففي يوم من الأيام ــ و في لحظة مراهقة سياسية  و بتشجيع من بعض الناس المتحمسين لترشيح امرأة لمجلس الشعب ــ أعددت برنامجا علي قدر علامي ومعرفتي لحل بعض مشاكل البلد أراه الآن مضحكا لأنه كان نوع من التهجيص الذي يتماشي حينذاك  مع الجو العام   فقد تصورت أنه لا حل لمشكلة البطالة إلا بشراء عشرة ملايين توكتوك وتوزيعها علي الشباب مع تمليك الآخرين عشرة ملايين دكان لبيع كروت شحن الموبايلات وهي الوظائف الم! ! ! تاحة و المطلوبة لتحقيق النمو السنوي  بمقدار عشرة في المائة ...
 و  تصورت  أنه نظرا لانتشار شقق الدروس الخصوصية فإنه قد آن الاوان في الإقدام علي خطوة جريئة  للتخلص من المدارس و بيعها  لمستثمر  يفضل  أن يكون أجنبيا ــ و إنفاق الحصيلة ــ في شفافية معلنة ــ  لتسديد ديون البلد .... في حين يتم ــ كالعادة ــ  استخدام الحيل المحاسبـية لشراء سيارات وشاليهات لأقارب الساد ة الأكابر  حتي الدرجة الرابعة! ! ! .... و هذا الإنفاق هو في الحقيقية غاية نبيلة من شأنها تدعيم الولاء للوطن بزيادة عدد أعضاء الحزب ...كما اننا إذا بعنا المدارس نكون قد قضينا علي مشكلة ( دستورية ) مزمنة  كانت تؤرق أولي الأمر بشأن مجانية التعليم ...و في الوقت نفسه لن نخسرشيئا فالتعليم واللاتعليم يستويان في عجزهما عن تحقيق الحلم المستحيل في الزواج و الشقة و الدخل و..و...
أما عن الصحة فإن المريض يتنقل من عيادة إلي أخري كعب داير  بحثا عن وصفة تشفيه بعد أن أخطأ الطبيب السابق في التشخيص مع أنه واضح و بسيط حسبما أخبره الطبيب الحالي الذي لم يتواني في التأكيد علي إجراء دستة من التحليلات الطبية لدي معمل بعينه حيث أن المعامل الأخري يديرها بتوع الكفتة ...  و ذلك تمهيدا لعملية جراحية بسيطة لن تكلفه إلا عشرة آلاف فقط ... و لا يذل الإنسان و يحط كرامته في الأرض إلا الفقر و المرض فإذا اجتمعا فليس أمام المريض إلا الوحدة الصحية و مستشفي الحكومة و الطبيب المبتدئ  الذي  يتعلم عن طريق تكرار الخطأ و في كل مرة علي  التعيس أن يكررالش! ! ! راء علي حسابه دواء آخر بعد فشل علاج الدواء السابق ...  و أيضا معه القطن و الشاش ... الصحة عزيزة و المريض علي استعداد أن يبيع هدومه في سبيل الشفاء .... و لكنه في النهاية يجد أن المرض و الموت أقل تكلفة .....لذا اقترحت أن تقوم لجان من وزارة الصحة بتحديد مدة ستة أشهر لعلاج المريض   كحد أقصي عند أحدالأطباء  و ألا ينتقل إلي طبيب آخر لمنع  تضارب التشخيص و البلبلة و أيضا للقضاء علي السوق السوداء التي ازدهرت مؤخرا في مجال الطب ...  فإ! ! ! ذا تم شفاءه خلال هذه المدة كان بها و إلا ترك لمصيره المحتوم و ذلك توفيرا للنفقات و عدم  إهدار المال في علاج لا ينفع  ... فلا يجب أن يكون الموت مصحوبا بخراب الديار ....
أما عن الخبر الذي تجاهلته الحكومة بشأن غرق الدلتا المتوقع حدوثه في المستقبل و الناتج عن غاز ثاني أكسيد الكربون الذي خرم الأوزون باستهتار من الدول الكبري و استخفافها و إصرارها علي اغتيال البيئة ... وبذلك تسببت في  سرعة ذوبان جليد القطب المتجمد والذي يرفع سنة بعد أخري مستوي سطح مياه المحيطات و البحار ...  أما و قد فشلت محاولات سد خرم الأوزون بواسطة مقالات أبالسة التحرير الحكوميين  الذين تتصاعد عباراتهم الفاضية  و الضايعة  فتـتبدد هباء في الهوا ء قبل أن تصل إلي  ثقب الأوزون...  فقد تقدمت بحل  بديل للمشكلة عن طريق ردم الدلتا ورفع منسوب أرضها بارتفاع قد يصل إلي متر ...و قد يقول قائل و من أين لنا بالردم الذي يمكن أن يغطي مساحة الدلتا المهولة؟؟؟ ... أقول من تلال الزبالة التي تحاصر المدن و تملأ الشوارع و بذلك نضرب عصفورين بحجر واحد ... وقد يسأل آخر ومن أين لنا    بالسيارلت التي تنقل هذا الكم الرهيب من الزبالة فإنني أقول لا تحملوا الهم  إذ يمكن تسليط أمناء شرطة المرور علي السواقين ليتصرفوا .... 
و عن مشكلة طوابير العيش التي تستمر لساعات  و للتيسير علي المواطنين الغلابة الذي أنا واحدة منهم  فقد اقترحت تركيب مظلات بطول الطابور تحميهم من الشمس مع وضع كم (زير و كم قلة ) لتسقيع المياه لتكون في متناول أيديهم...و لا داعي للمراحيض ــ حسب اقتراح أمين الحز ب ــ حيث يمكن للمضطر أن يلجأ إلي دورة مياه الجامع ... و أيضا لا داعي لتركيب إشارة مرور ــ حسب رأي المحافظ ــ تسمح مع الضوء الأخضر بدخول فوج و تمنع الباقي مع الضوء الأحمر  و يكفي بدلا من هذا الاقتراح الإكتروني الغير عملي و المكلف باستدعاء كتيبة من جنود الأمن المركزي بخوذاتهم و دروعهم و عصيهم المهيبة لمنع التدافع و الخنافات و تنظيم الدور ...وهو ما يتناسب مع تفكير الدولة باللجوء دائ! ! ! ما إلي حل المشاكل الحياتية باستخدام الأمن ...
 هذا يا سيادة الرئيس ما حاولت طرحه من طرق الحل لبعض المشاكل مقتديا بمنهج الحكومة التهجيصي الذي يعتمد علي السطحية  و ترحيل الأزمات تفويتا و هروبا علي مبدأ جحا في حكاية وعده للملك بأن يعلم حماره اللغة الإنجليزية مراهنا علي مرور الزمن فإما أن يموت الحمار أو يموت الملك ....هو نموذج و نزر يسير من بعض مشاكلنا لا تعدو أن تكون ــ كما تري ــ هموما تبدو بسيطة قياسا علي المعضلات الداخلية و كارثة رهن أموال البلد كلها في يد عصابة متوحشة من عيال الأعمال و مافيا العقارات و حرامية البنوك و الأراضي  و الكلاكيع الاقتصادية و المصائب  الاجتماعية و مهانتنا  وضياع ه! ! ! يبتنا الخارجية  وهي تمثل حتة  قد كده من جبل هائل أنت أدري به مني ...
سيادة الرئيس
لقد كان نجاحك معجزة بكل المقاييس لازال الشعب غير مصدق حدوثها  رغم أنه خرج  عن بكرة أبيه ــ فور إعلان فوزك في انتخابات الرياسة  ــ في مظاهرات تلقائية يحمل فيها الأعلام و يهتف  و كأن حسن شحاتة قد حقق الفوز علي فريق الإنجليز ....لقد حركه الأمل في أن يكون خلاصه من الضنك و البؤس علي يديك ...  ولكن دعني أهمس في أذنك بألا تغتر بهذا التهليل الكاسح فالعقلاء يدركون بأن المتسبب فيما آلت إليه حال البلد هو النظام السابق و لا  يجب محاسبتك عليه  و لكن ضع في اعتبارك أن رصيد! ! ! الصبر  لدي الناس قد نفذ و قدرتهم علي التحمل اصبحت في الحضيض و سكوتهم علي النظام السابق كان يأسا بفعل الغيبوبة و الخوف من نبوت الأمن المركزي ... ومع إضاءة شموع الأمل و توهج شعلة الحرية سيكون استعجال نتائج  الإصلاح و .... القلق المتصاعد  .....و أخشي أن ينقضي شهر العسل سريعا ....
سيادة الرئيس
و إذا كنت قد نجحت بمعجزة ... فلن يتم إزالة آثار العدوان و التردي بمعجزة ... و إنما بمساندة الناس جميعا  ....
و لا سبيل إلي ذلك إلا بإعادة تربيط الصواميل التي فككها النظام السبق ....بعث الحركة و النشاط في مفاصل الشعب و إزالة التكلس الذي ران عليها  .... عملية كبري للإفاقة من نوم و غيبوبة استمرت  أكثر من خمسين سنة ... و هذا لن يتأتي إلا ....بعودة نظام  المسحراتي ...المحظور ...
المسحراتي الذي كان ــ زمان ــ يدور في الشوارع بطبلته ليوقظ النائمين في ليالي رمضان فيتجاوب الناس بفطرتهم مع صوته الحنون الذاكر ...
فماذا كان يقول المسحراتي ؟؟؟
كان ينادي ...
ــ اصحي يا نايم .... قم وحد الدايم
سيادة الرئيس محمد البرادعي...
توحيد الدايم ... هو ...الحل ...  

No comments:

Post a Comment