الرجل المظأطط

تصورت أن يخرج جوردون براون رئيس وزراء بريطانيا المهزوم في الانتخابات الأخيرة .... تصورت أن يخرج من 10 داوننج ستريت مقلوشا مكتئبا مطأطأ الرأس يخفي وجهه بجريدة ــ كسوفا و هربا ــ من المصوراتية ...أما أن يخرج الرجل مع زوجته و ولديه متأنقا منتشيا مملوء حيوية يشير إلي المتربصين من اعلامي الفضائيات  محييا في مرح فهذا معناه أن الخيبة ليست بالضرورة أن تكون بالويبة ... و أن الهزيمة الانتخابية السياسية لها جانب مبهج يكرر موقف الرجل الذي ذهب إلي الجامع ليصلي  فوجده مغلقا فقال ( بركة ياجامع جاءت منك ولم تأتي مني ) ...

أنا لا أفهم أن يترك رجل يحكم دولة عظمي ملأ السمع و البصر و ملو هدومه أن يترك هذا الهيلمان بسبب تافه و هو هزيمته في انتخابات ...  و الأنكي ... أن يخرج  مظأطط يسير خفيفا مثل أي موظف قضي عمرا في العمل و قد آن الأوان لكي يتقاعد و يقضي بقية عمره مستمتعا بالدعة بعيدا عن مغارز السياسة و ألاعيبها... و الخلاص من عبء  الابتسام  الودود  في وجوه كالحة...

هل الرجل عبيط ...أم بيستعبط ...

الرجل كان أمامه الحل السحري للتأبيد في الكرسي ... و كل ماكان عليه فعله هو عشرة جنيه استرليني و و جبة مع علبة عصير أو حاجة ساقعة لعدد مائة ألف متظاهر يطوفون شوارع لندن يهتفون بالروح بالدم نفديك يا براون .... يا محني ديل العصفورة حكومة جوردن هي المنصورة.... نموت نموت و يحيا براون ... و بالتزامن.... حملة إعلامية جبارة تقودها كتائب الحوارجية الحريفة  بتوع حالة حوار و حوار من أجل الحوار و الرأي ( الغير ) آخر ....و في البي بي سي ينصبوا الخيمة و ... هات يا جخ ...براون هو مفجر ثورة الفكر الجديد ... انجلترا تتقدم بينا ... جوردن  جوردن  ... من أجلك أنت ....مع شوية مداخلات ... واحد من قرقيزيا تنطلق الكلمات من فمه بالقرقيزي و المترجم يلاحقه و هو يلهث! ! ! عن جوردن الذي ألهمهم الثورة حتي خلعوا  رئيسهم الفاسد ...واحد من أمريكا يثمن و يؤكد  علي نعم الحليف  الاستراتيجي ومن غيره أمريكا تلوص و تغوص  ...واحد من بلدنا يبكي و ينهنه ومن خلال صوته المتهدج يناشده بأن يبقي ويقول لم يفعلها أحد قبلك فلا تفتح هذا الباب المشئوم  .... واحد من أفغانستان ــ و يعلق مقدم البرنامج هل أنت من أفغانستان أكيد ؟؟ ... من فضلك وطي صوت التلفزيون ــ فيرد في ثقة نعم ومن طالبان أيضا و لن نتوقف عن المقاومة إلا بعد رجوع جوردن ــ ملحوظة : طقم الحوارجية ينتقلون إلي أي استوديو و معهم فرقة متخصصة لعمل المداخلات يسمونهم القرعجية ... بعد هذا الطوفان من التلميع  يقف براون أمام المرآة و يقول : ياه ...لقد كنت أبخس نفسي حقها عندما كنت أتجاهل كل هذه العبقرية و أتعامل مع الجميع في تواضع صحيح أنا ... أنا  لا مثيل لي ... أنا كنت فين من زمان.... ثم يذهب إلي البي بي سي و يفجر قنبلته إلي شعب انجلترا العظيم.... الشعب القائد و المعلم.... و يعلن عن المؤامرة الخسيسة التي تحاول فصل الروح عن الجسد و العقل عن الكيان في عملية إجرامية لخلعه من الحكم عن طريق عملية من التزوير الممنهج لم يشهد مثلها وطننا الحبيب منذ فجر التاريخ لدرجة أنهم استخدموا أصوات الموتي و دفعوا الرشاوى .... تصوروا أننا ضبطنا أحدهم وهو  يصوت مرتين وعندما سألوه عن السبب قال أن له حق التصويت مرتين لأنه بوجهين  و ضبطنا واحدة بدلا من أن تصوت رقعت بالصوت و.... و ..... و.... و بناء عليه قررنا إعادة فرز الأصوات يدويا.... و مع انتهاء خطابه يكون الجسر الجوي قد انهي عملية نقل الصناديق البديلة و معها كشوف التفريغ و توقيع رؤساء اللجان و الكمبيوترات و كل ما يلزم و السابق تجهيزها بواسطة خبراؤنا بما يكفي نجاحة ليس علي انجلترا فقط وإنما علي الاتحاد الأوروبي بدوله الاثنين وعشرين ...

شفت ...عملية سهلة جدا و ...لكن براون العبيط رفض و رفس النعمة و ..... خرج مظأطط....

إخص ....

قال لي أحدهم

ــ هل تدري لماذا خرج براون من رئاسة الوزراء بهذا الهدوء الذي تستنكره

قلت له

ــ علمي علمك يا أبو العريف  ..

قال

ـــ أولا هم اعتادوا أن يدهنوا بالتيفال الكثيف المانع للإلتصاق  كرسي رئاسة الوزراء مع كل قام جديد  ثانيا لديهم نظام للتزنيق و المحاسبة يمثل مسامير مغروسة في شلتة الكرسي  و لا يترك أي مسئول في أي موقع دون أن ينغصوا عليه حياته....

 يجرجره علي ملا وشه إلي مجلس العموم و يهروه س و ج و لا يتركون له سياسة ولا قرارا  إلا و فصصوه و حللوه وقلبوه علي كل الوجوه نقدا و تجريحا ...و من ورائهم صحافة و إعلام لا يرحم ... فلا طرمخة علي ألف غريق في عبارة.... و لا صهينة عن نهب بنك ...و لا تواطؤ في خصخصة أو خلبصة ....و لا  شيلني و شيلك و الثمن كم قصر و كم قيللا في منتجع علي كم ألف فدان ... ولا حتي كم مليار لعمليات التجميل علي نفقة الدولة ... الوظيفة عبء حقيقي و هم .... انظر إلي أوباما بعد سنة واحدة من حكم أمريكا ...في يوم تنصيبه كان شعره كله أسود أما اليوم فقد بدأ الشيب يغزوه ....  براون خرج بعد إن غسلوه و استوي و اتهري و لم يعد هناك مايمكن أن! ! ! يحاسبوه عليه أو ينكش أحد خلفه فيما يسمي بالخروج الآمن .... فقد كان الحساب يتم أولا بأول و البكا علي رأس الميت فلا تأجيل و لاهروب .... فربما خرج وهو يقول  يا فكيك حقي براقبتي .. خرج بلا كلمة شكر و لا ماتش اعتزال .... دخل بمرتبه و خرج بمعاشه وأيضا بدون علاوة يوليو ....

نظرت إليه طويلا ثم قلت له

ــ برضه إخص....

============================

 

أويس  القرني

                                  مالك المرادي القرني الزاهد سيد التابعين

روي الحاكم في المستدرك عن رسول الله صلي الله عليه وسلم : أويس خير التابعين بإحسان ....

وروي أحمد في المسند عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم...

وقال الحسن يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة و مضر....

قال أسير بن جابر عن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : خير التابعين رجل يقال له أويس بن عامر... كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته ... لا يدع باليمن غير أم له ... فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم ..

قال عمر : فقدم علينا رجل فقلت : من أين أنت ؟؟ قال من اليمن ... قلت : ما اسمك ؟؟... قال : أويس ... قلت : فمن تركت في اليمن ؟؟ ... قال : أما لي ... قلت : أكان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك ؟؟ ... قال : نعم ... قلت : فاستغفر لي ... قال : أو يستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين ؟؟... قلت له : أنت أخي لا تفارقني ...

قال عمر : فانملس ( انفلت أو هرب ) مني ...

يستمر أسير في روايته ..... قال عمر : فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة , قال : فجعل رجل كان يسخر بأويس بالكوفة ويحقره  يقول :ما هذا فينا ولا نعرفه ... فينا رجل يا أمير المؤمنين  يقال له أويس ... فقال عمر : أدركه فلا أراك تدركه .... 

    فأقبل ذلك الرجل حتي دخل علي أويس قبل أن يأتي أهله ... فقال له أويس : ما هذه عادتك , فما بدا لك ؟؟ ( يعني مش عوايدك عاوز إيه ؟؟ ) قال الرجل : سمعت أمير المؤمنين يقول فيك كذا و كذا فاستغفر لي ( وهو الذي كان يحقر من شأنه و لا يأبه له ) ... قال أويس : لا أفعل ( لا استغفر لك ) حتي تحعل لي ألا تسخر بي فيما بعد , و ألا تذكر ما سمعته من عمر لأحد .... قال الرجل : نعم ( وافق علي شروطه ) فاستغفر ( أويس ) له ....فما لبثنا أن فشا أمره بالكوفة ....قال الرجل فدخلت عليه فقلت : إن أمرك لعجب ونحن لا نشعر ... رد أويس قال : ما كان هذا ما اتبلغ به في الناس , وما يجزي كل عبد إلا بعمله ( يعني أن  الأصل هو أن يجتهد كل إنسان  في العمل علي رضاء الله  و أن يكون  استغفار الصالحين له زيادة و بركه)....

قال و انملس مني فذهب

رواه مسلم ...

عمر بن الخطاب أمير المؤمنين  قاهر الروم و الفرس....المبشر بالجنة و الذي فرق الله به بين الحق و الباطل .... و الذي كان يخاف منه الشيطان ..... إذا سلك دربا سلك الشيطان دربا آخر ..... وقف علي  المنبر في مني أيام الحج  ــ قبل أن يلقي أويسا في الحديث السابق ــ ونادي يا أهل قرن أفيكم من إسمه أويسا ؟؟؟ فقال شيخ : ذاك مجنون يسكن القففار لا يألف ولا يؤلف ... قال ذاك الذي أعنيه فإذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي وسلام رسول الله صلي الله عليه و سلم فعادوا و أبلغوه فقال عرفني أمير المؤمنين و شهر بإسمي اللهم صلي علي محمد و علي آله , السلام علي رسول الله ... ثم هام علي وجهـه ....  &n! ! ! bsp;     

سؤال ....

ماذا لو  كان بيننا رجل مثل أويس فهل كان من الممكن أن يسعي إليه أحد من امرائنا المؤمنين  طالبا أن يستغفر له ؟؟؟

ـــ أغلب الظن أنهم كانوا يفضلون وضعه قيد الاعتقال ....