August 15, 2010


                                  هروب إلي الأمام

قال له
ــ ما رأيك في التوريث ؟؟
رد في عفوية
ـ ــ التوريث شيئ فطري ... الإنسان يحب أن يكون أولاده امتدادا له ... وفي الماضي القريب كان أصحاب الحرف يورثون أبناءهم صنعتهم مما ساعد علي تراكم الخبرات و أدي إلي ازدهار و اتقان فنون العمل اليدوي الجميل ...في مجالات الزخرفة المعمارية و صياغة الذهب و أشغال الأرابيسك و التطريز و غيرها ... لدرجة أن  كانت العائلات بأجيالها المتلاحقة تتسمي بأسماء الحرف  كعائلة النجار و الجزار و الحداد و الصايغ و العطار و الطرزي ...و في أيامنا هذه يورث الأطباء أولادهم مهنة الطب و يحرص العسكريون علي إلحاق أولادهم بالقوات المسلحة و الشرطة ...و كثير من الموظفين يعينون أولادهم في نفس المصالح التي يعملون بها ...يعني شغل التوريث ماشي علي ودنه من زمان لم يتوقف ....
ــ ياعم خليك هنا ...أنا أتكلم عن التوريث السياسي ... توريث الحكم ؟؟؟
استمر في الاستعباط ...
ـ التوريث شيئ عظيم مذكور في القرآن ...( و و رث سليمان داوود و قال يأيها الناس علمنا منطق الطير و أوتينا من كل شيئ إن هذا لهو الفضل المبين ..... النمل 16 ....) و..استخلف سيدنا موسي أخاه هارون علي بني اسرائيل ...(........... وقال موسي لأخيه هارون اخلفني في قومي و لا تتبع سبيل المفسدين...... الأعراف142 )... و تمني زكريا أن يرزوقه الله الولد ليرثه و يرث من آل يعقوب و......
قاطعه في حدة
ــ يا عم اترك الاستشهاد بالقرآن لشيوخ السلطة لكي يبرروا  التوريث بالآيات و الحديث ؟؟؟ ...
لم يهتم لحدته ...قال في هدوء
ــ أنت سألتني عن توريث الحكم و أنا أجيبك بأنه  معروف و موجود ...
رد في صبر نافذ
ــ أين ؟؟؟
ــالملوك و الأمراء يورثون أبناءهم ...
ــ رجعنا للاستهبال .... ياعم أنا أتكلم عن  هنا .... عن بلدنا ...الجمهورية... عن عزبة إسمها مصر ...هل تعيش معنا؟؟؟ ...ألا تسمع و تقرأ و تشاهد الضجيج الهائل الذي يدور عن حالة البلد و انتخابات الرياسة القادمة ... ؟؟؟
اعتدل في جلسته ثم قال ...
ــ أسمع ضجيجا و لا أري طحنا ...
في نبرة يأس ...
ــ أنت غاوي ألغاز ...
ــ لا ألغاز و لا يحزنون ... الصورة ــ لمن يتأملها ــ في منتهي الوضوح ...الرئيس مستقر في الحكم منذ عقود من الزمن و يمارسه وفق رؤية يراها حققت استقرار ا حتي ولو كان يرتكز علي عصا الأمن .. و حتي ولو كان هاجسه الشك.... القاتل  لحيوية الناس ... ولو كان ثمنه الجمود و سحب العافية و شل الطموح و اعتقال الأمل و الحلم ...حتي ولو كانت نهايته موت سريري لكل خلايا المجتمع السياسية و المدنية  .. و طوال فترة حكمه لم يري داعيا لوجود نائب له ربما لعدم الحاجة ... ربما لعدم الثقة ... و ربما تشاؤما ... و ربما لرغبة في أن يسجل له التاريخ أنه آخر  من شغل منصب  نائب الرئيس !!!... و ...في الجانب الآخر من  الصورة يظهر  نجله  بعد أن دفع به إلي قمة الأحداث السياسية و جمع حوله نخبة من مليرديرات آخر الزمن و  (عيال ) الأعمال قاموا بتجنيد   كل من وضع علمه و خبرته فوق عربة يدفعها بيده ــ مثل الباعة الجائلين ــ سبوبة للبيع  ...و استقطب كل من ربط مصيره بمصير النظام بعد أن انفتحت شهيته لنيل نصيبا من ( أنجر الفتة و هبر اللحم ) ...المجموعة المحيطة بالنجل تقوم بخطوات محسوبة ومحمومة لخطف و مصادرة  مستقبل النظام عن طريق التحكم في مفاصله الاقتصادية و الإعلامية و باستخدام العصا و الجزرة ...و كل يوم يمر يزيد من تغولها و توحشها بصرف النظر عن النكت التي يرفعونها شعارات   يضحكون بها علي الناس  و التي انتهت  بمزحة تفجير ! ! ! ثورة  إصلاحية يقودها النجل  من أجلك أنت....  مع أن هذا الأنت ... هو بالتأكيد... ليس أنت ....!!!
هز رأسه
ــ يرفعوا شعار ... ينزلوا آخر.... لا فرق ... لقد فقدوا مصداقيتهم عند الناس  ...
ــ يا بني افهم ...يصدقوا أو لا يصدقوا  ...هذا لا يعنيهم ... النظام يلعب علي المكشوف ... فهو يزور الانتخابات عيني عينك بالصوت و الصورة  ...و حول الحياة النيابية إلي مسرح للعرائس فلا حساب و لا عتاب لأهل الحكم و إنما عقاب و حرمان و ضياع  قانوني لكل من ..رمش بالعين ... أو راوده حلم يقطه أن يقترب من حقول الألغام ...
قال في حماس
ـ و لكن الناس كسروا حاجز الخوف و يناقشون الآن مستقبل رئاسة الدولة بعد أن  كان محرما  عليهم مجرد  ذكر مقام الكرسي و لو تلميحا...
ــ هذا صحيح إلي حد ما ... فقد بدا هذا تراجعا أمام المد الذي حدث في انتخابات 2005 نتيجة ضغوط إدارة بوش ...  إلا أن النظام  سرعان ما قام بحركة التفاف  و ألغي الإشراف القضائي علي الانتخابات و  (عوج ) الدستور و سلحه بأنياب المحاكم العسكرية و سد بمواده كل ما يمكن أن يكون ثغرة تسمح بتسلل أي شعاع من الضوء يسمح بحراك سياسي ... يعني خلاها عتمة...
ــ و لكنه لم يستطع تكميم الأفواه و إعادة العجلة إلي الوراء بل و ازداد النقد للنظام ...  
ــ هذه أيضا تحسب له ...فقد اعتمد  منذ مدة نظام( الهبهبة ) الإعلامي وفقا  لشعاره جعجع كما شئت  ...و نحن نعمل ما نشاء ...و بشرط  عند ...ال... ال....تقف و تشد الفرامل و  ... لكن ... و في الفترة الأخيرة حدث ت بعض الاختراقات تجاوزت حدود ال ...ال...  بما سمح لمستقبل الرئاسة أن يصبح موضوعا للنقاش العام... إلا أن أسلوب الرئيس في تناول الأمور  لم يتغير و لا أظن أنه سيتغير... و هو  ...ألا يخضع لظرف ضاعط و لا يلتفت للأصوات العالية ... و إنما يفاجئ الناس بقراراته ... كما يفعل عادة ! ! ! في الإقاله و التعيين ...فليس للشعب رأي في اختيار وزير  ...و لا ضرورة في معرفة أسباب رحيله ... و كل ما يجب عليهم  العلم به هو أن الكل موظف في نظام سيادته الذي يلزم المنتسبين له بالطاعة و السير بين خطين وفق معايير خاصة بالمقام السامي
    ــ يعني ؟؟؟
ــ يعن أن الأمور غاية في الوضوح ... الرئيس لن يجد أفضل من إبنه كي يستخلفه و هو يعلم جيدا أن ذلك لابد أن يتم في وجوده ليضمن انتقالا آمنا و مضمونا للسلطة ....و إلي حين صدور القرار  فإن الهمة قائمة في زيادة شغل التلميع و تهيئة  أكثر للمناخ ...و الإغراء  بالتنازلات و الصفقات لإقناع القوي ( الصديقة ) التي بإمكانها الاعتراض و العرقلة...و علي عكس ما قد يظن ... فإن النظام سعيد بهذا الضجيج بلا طحين في وسائل الإعلام بما يثيره النقاش و ما يطرحه من خطط و أسماء  مختلف عليها   مع أحزاب الأنابيب التي تهش و لا تنش  و لا تضمن النجاح في  أي انتخابات حتي ولوكانت علي منصب  عمدة إحدي القري  و  يرضيها إلي حد الامتنان كرسي خشب بدون شلتة  في طرقة مجلس الشعب  ... أنا علي يقين بأن النظام في غاية من البهجة و هو يشهد شبورة هائلة من الحوارات و المبادرا! ! ! ت و التمنيات المنزوع  منها القدرة علي الحركة و الفعل  وعلي الرغم من  مقابلته كل ذلك بالصمت و عدم المبالاة   ...إلا أنه يشعر  بأن ذلك يصب في مصلحته   كديكور ديموقراطي يواجه به العالم الخارجي   لخدمة مشروعه ...و  بيـئة مثالية في الداخل  لزيادة البلبلة  و جوا يتناسب  مع أسلوبه الذي اعتاده في الكتمان ثم .... ثم اختيار وقت المفاجاة ليصعق الجميع  بالقرار ( المناسب ) و المعاكس لكل توقع  !!!! ( قرارات رفع أسع! ! ! ار البنزين و السولار و السجاير تصدر يوم الجمعة ... و  قرارات تجديد قانون الطوارئ و اعتماد الاتفاقيات المشبوهـة في مجلس الشعب ..تتم في جلسة نص الليل .... عارفين أنهم  يسرقون إرادة الشعب و  المريب  هو من يفضح نفسه    )
 أشاح بيده ...
ــ يعني عتمة ...ظلام دامس كحل ...
تمدد في كرسيه ..
ــ شوف ... لن يتبرع أحد بأي تنازل ....لم يفعلوا ذلك في الماضي ... و لن يفعلوه في المستقبل ...و علي الناس أن يأخذوا المبادرة و يحددوا مستقبلهم بأيديهم ...
قال في انزعاج ...
ــ هل تحرض علي الثورة ..؟؟
رد بسرعة ...
ــ أبدا الثورة هي الفوضي و الخراب ...و يكفي ما عانيناه من بتوع يوليو 52 ... و لا يلدغ (المصري ) من ثورة مرتين ...
قال ساخرا
ــ حيرتني معك ...ماذا تريد ياعم ؟؟؟
ــ إذا أرت أن تفهم ... تصور أن النظام رحل و حل محله نظام جديد ... هل سينهي ذلك مشاكل الشعب ؟؟؟
قال بسرعة ..
ــ طبعا ...من فمك لباب السماء .... ياااااه...كابوس يا رب  ينزاح ...
ــ أؤكد لك أنه بمجرد تغيير النظام ستنفجر كل المشاكل المدفونة تحت أرجلنا ألغاما عنقودية مشحونة باليورانيوم المنضب ... الناس المحرومين من الحد الأدني و يعيشون علي الكفاف في عشوائيات غير آدمية ...بطالة و عنوسة و انهيار خلقي و فساد و مياه شرب عامرة ببلاوي المرض  و مجاري متفجرة ...فوضي المرور حولت   السيارات إلي نعوش طائرة تحمل الموت و العاهات ... و مآسي قطارات سكة ( حموت مصر ) ...مشاكل المرض ...الفشل الكبدي و الكلوي و الفيروسات و  تلوث البيئة و الزبالة .. هذا غير مشاكل التعليم و تنابلة الجهاز الحكومي و الفساد و الرشاوي و خراب الاقتصاد و الديون و الغلاء  و  صياعة الشوارع و القضايا المرفوعة من نصف ال! ! ! شعب ضد النصف الآخر ...
قال مازحا
ــ يعني ثمانين مليون مشكلة ...
ــ هذه هي الحقيقة ... و كلهم ــ بعد اليأس ــ سيصحو عنده الأمل و اللهفة علي الخلاص ... فهل يستطيع أي نظام جديد أن يقول للمشاكل عيب وكفاية و يأمرها  ( انتهي ) ...فتختفي ...أم  أن شهر العسل سينقضي سريعا... تنزل بعده الجماهير الثائرة إلي الشارع لتهتف بسقوط النظام الجديد ...
ــ يا عم خلاص ... خليتها ضلمه ... ياعم موافقين علي التوريث.... رضينا بالغلب ...بس يارب الغلب يرضي بنا ...
قال في هدوء
ــ ما أردت أن أشيع اليأس ...ولا أظن وجود من  يرضي  بالتوريث ...ولكنني أيضا ضد خطر الفوضي... النظام شاخ و تيبست مفاصله و مشاكل البلد أصبحت أكبر من قدرته... و الفشل يلاحقه في كل خطواته ...  وشعاراته المنكوشة  ــ التي استوردوها من زحل و  المريخ ــ هي في واقع الأمر إعلان  بالإفلاس  ..من بداية تفجير ثوة الإصلاح مرورا بمصر تتقدم بينا و انتهاء بمن أجلك أنت ... الثورة الحقيقية هي ثورة الغضب و اليأس مكتومة في النفوس  ... وهي غير ثورتهم الإصلاحية... لن تنفع معها رشاوي انتخابية أو! ! ! موسمية أو كرتونة ياميش رمضان ..أو ركوب الموجة الكروية ... أو بضعة ملايين يرشوها علي الفلاحيين و القري الأكثر فقرا... و إنما الخوف من أن يصبح الوطن كله ضحية تفجيرها ...الاحتجاجات و المطالب الفئوية و الإضرابات و الصدام مع جميع فئات الشعب من أطباء و مدرسين و قضاء و موظفين و نقابات ....الخ ...كلها تعني أن النار مشتعلة تحت الرماد ( أري خلل الرماد وميض نار    و {أرجو ألا } يكون له ضرام ) { تعديل البيت من عندي } .....   النظام سيتنتهي  يوما ما و في الأجل المنظور ــ وأسأل الله أن يتم ذلك سلميا بعد عودة الست ( نزيهة ) من اعتفالها بموجب قانون الطوارئ .... و فك سجن  بنت خالتها (شفافية ) المحكوم عليها بتأبيدة  ــ قراءة المشهد بإمعان  تبي! ! ! ن أنه في مرحلة يتآكل فيها يوما بعد يوم و تمسكه بالحكم هو نوع من الفلفصة و حلاوة الروح  ...فلا يمكن استمرار أي حكم  ــ مثله مثل أي احتلال  ــ  ضد إرادة الناس... المهم أن يدرك الناس أنهم مطالبون بالاستعداد ليوم يواجهون فيه  مرحلة ما بعد تداول السلطة  يتحملون فيها مسئولية مستقبلم بلا عون أو مساعدة من أحد  و أن عليهم  ــ كثمن للحرية ــ تحمل إزالة آثار الدمار و التجريف الذي أصاب بنية البلد الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الأخلاقية و التي ستستمر بالتأكيد إلي سينين من الجفاف و التقشف ..و عليهم أن يتوقعوا عراقيل و حصار من القوي الخارجية التي رفعت الفيتو  دائما في وجه أي نمو حقيقي لبلدنا  خدمة لمصالحها وتواطؤا مع  صهاينة بني اسرائيل   ...و ما لم يكن لدي الشعب و عي  و مشروع مسبق يقوده  و تصور متفق عليه فإن الفوضي و التخبط هو البديل... و كأنك يا بو زيد ما غزيت ...
فكر قليلا ..
ــ هل معني كلامك أن ما يدور  وسط المعارضة من مبادرات و طرح أسماء للمنافسة في انتخابات الرياسة عبث لا فائدة منه ...
ــ أبدا ... أنا مع أي حركة تصحصح الناس و تثير حماسهم ...و لكن يجب أن يكون هدف الضجيج الإعلامي لمنع التوريث هو خطوة نحو  تجمع  حول  مشروع و خطة عمل للتواصل  مع قوي الشعب الحقيقة الموجودة في الشارع  ... التركة ثقيلة ... ولا نجاح ولا خلاص حقيقي  إلا باستنفار الشعب و استفزاز همته و استحضار كل ما حرصوا علي تغييبه و ابعاده عنه   ...و الطريق طويل..
ــ أنت وضعت العقدة في المنشار ...و الخلاف بين الاتجاهات السياسية سيد الموقف ... و أين المشروع الذي يمكن أن يجتمعوا عليه ..
سكت فجأة ... ثم قال
ــ دعني أحلم ... هل يمكن أن ينزل الله هدايته علي عقلاء هذه الأمة .... يفوقوا  و يبطلوا عناد   فيقوموا  بخطوة هي الهروب إلي الأمام ...متجاوزين مأزق التوريث الذي حشروا أنفسهم فيه....
نظر إليه مستفسرا ...تجاهل نظرته و استمر كمن يحدث نفسه ...
ــ كان  السادات يعتبر نفسه هو و عبد الناصر  آخر فراعين مصر...بعني أنه لن يأتي بعدهم فرعون آخر  يتمتع بنفس السلطات المطلقة ... و من الوضح أن ظنه قد خاب ... فلماذا لايفعلها مبارك و يعلن أنه سيكون آخر الفراعين ....و الفرصة لا زالت أمامه ...
رد في دهشة ...
ــ ماذا تقول ؟؟؟
ــ أقول ... يقوم بتغيير الدستور و يحول نظام الحكم إلي نظام برلماني ...  يكون الحاكم الفعلي فيه رئيس الوزراء   الحائز علي أغلبية مقاعد مجلس الشعب ....
ــ و رئيس الجمهورية بلا سلطات ؟؟؟
ــ ياعم ... هذا النظام معمول به بلاد كثيرة ...في الهند و انجلترا و تركيا  و حتي إسرائيل ... رئيس البلاد يمثل رمانة ميزان و مرجع و تتفاوت صلاحياته من نظام برلماني إلي آخر  ...
قال ساخرا ...
ـــ يعني تريد  تسليم البلد للإخوان ؟؟؟
رفع صوته ...
ــ إفهم  يا مواطن  ...أنا أريد مرحلة انتقالية يحكمها رئيس وزراء يخضع للمساءلة مثله مثل بقية خلق الله ...و  رغم أني أحلم إلا أن  عيناي مفتوحتان ولا   أتوقع أن ينزل سهم الله علي من مارس  التزوير خمسين سنة أن  يتوب فجأة .... و لكن أرجو أن يكون التزوير معقولا ...  (نصف  نزيه و نصف شفاف )... في حدود نصف مقاعد مجلس الشعب و يتركوا النصف الثاني للمعارضة .... و علي الحالمين بالتغيير الكامل أن يخفضوا سقف توقعاتم حبـتـين ... ليكن رئيس الوزراء من الحزب الوطني  في هذه المرحلة ( زي بعضه و نصف العمي  أفضل من العمي الكامل )  إلا أننا سنضمن حراكا ديموقراطيا يمنع انزلاق البلد نحو الفوضي  بضمان نصف مقاعد المعارضة و انتهاء صلاحيات الفرعون المطلقة ... و علي كل نعتبرها ( بجملة ) مرح! ! ! لة انتقالية يسترد الشعب فيها عافيته و اعتباره .... و بعدها يعيد الجميع ترتيب أوراقهم ...
وضع يده علي كتفه و هزه بعنف ....
ــ صح النوم يا حاج ...
مجرد ملاحظة....
مع حضور ميتشل ....اختفي سولانا....
سؤال...
لو انت مكان اسرائيل ...هل تعطي عباس و فياض دولة ؟؟؟

August 14, 2010


موسم شحن البطاريات

المؤمن مثل السيارة لا تدور إلا إذا كانت بطاريتها سليمة و مشحونة
المؤمن الذي فسدت بطارياته و (ملحت ) لا يستطيع أن يعيش علي تسول ( زقة للنبي ) ...أو رجاء ( توصيلة ) من بطارية يجود بها  متصدق إذا وجده اليوم فلن يجده غدا و.... قد ينتهي به المطاف ــ إذا تعطلت مواتيره و كساها الصدأ و الران  ــ أن يستبدل هويته الإيمانية بعضوية عاملة في الحزب إياه ....
شحن بطاريات المؤمن مستمر إذا حافظ عليه  و قد يسره ربنا بالمجان دعما إلهيا لكل من يسعي إليه  بالذكر الدائم وتصيد أوقات الصفاء المشهودة ... قرآن الفجر و الصوم  وركعات في جوف الليل و استغفار في السحر... و السعي في الخير  كما أن هناك عروضا سخية للشحن المميز  في موسم رمضان و العشر الأواخر   و العشر من ذي الحجة ...الخ....إلا أن شحن البطاريات في الحج و العمرة يفوق كل ما سبق ... شحن سوبر يملأ الروح بكهربة عالية الجهد تدفعها بعيدا في سماء السمو و الشوق
في المسجد النبوي  أو المسجد الحرام  عنما تضع جبهتك ساجدا لا تدري كم عدد الملايين من الصالحين  ممن لامست جبهتهم موضع سجودك و يستفز كل خلايا جسدك شعورعارم  بالنشوة إذا تصورت أن من بين هؤلاء من قد يكون الصديق أبوبكر أو ابن الخطاب أو من الربيون ممن حملوا الراية وصدقوا ما عاهدوا الله عليه  رضي الله عنهم  و  ستغيب عن كل ما حولك و تطير هائما محلقا فيما لانهاية إذا ظننت أنك تسجد في موضع سجود خير البرية صلي الله عليه وسلم ...
     أنظر إلي البيت العتيق بمهابته و عظمته و دع التاريخ يعصر مخيلتك إلي الخلف مئات من السنين  .....  النبي صلي الله عليه و سلم ... شاب في الأربعين من عمره مهيب الطلعة وضيء الوجه جالسا بالقرب من الكعبة المشرفة   وحيدا طويل الفكر صامتا متواصل الأحزان  فقد  كذبه قومه  إلا من فئة مستضعفة آمنت به ....  يكاد الحزن أن يقتله غما ( فلعلك بخع نفسك علي آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا.... الكهف 6 )... وهويري قومه وعشيرته الأقربين و قد انحطت بهم أحلامهم إلي مستوي البهائم يسجدون للحجر و يخضعون للكهانة يعيشون ظلام العقل و جهالة الروح   و يأخذ بزمامهم الشيطان يقودهم نحو الهلاك ...... قومه و عشيرته سادة العرب و سدنة البيت العتيق و أولا د نبي الله إسماعيل ....يراهم و قد اهانوا إنسانيتهم يشركون مع الله  أصناما يصنعونها بأيديهم لا تنفع ولا تضر... ينكرون البعث فلا حساب و لا عقاب ولا مسئولية .... (و قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا و ما يهلكنا إلا الدهر و ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون .... 24 الجاثية  ) وحجتهم أنهم يتبعون آباءهم فهم علي آثارهم مقتدون ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا علي أمة و إنا علي آثارهم مقتدون ....  قال أولو جئتكم بأهدي مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون  23 ,24الزخرف)
      كذبوا ولجوا في طغيانهم يعمهون .... و ضعوا أكنة علي قلوبهم و سدوا آذانهم و أغلقوا عيونهم عن خير الدنيا و جوائزها و نعيم الآخرة و أبديتها وهو ما كان لابد أن يجري تأكيدا لسنة الله مع رسله بأن يكذبهم قومهم و يؤذونهم و يسخرون منهم و يستهزءون برسالتهم لم يكن لديه شك في استكبار قومه وتماديهم في عدم تصديقة  فقد حذره ورقة بن نوفل  بأنهم سيكذبونه  و سيخرجوه لأنه لم يأت. أحد بمثل ماجاء به إلا عودي وأوذى و حورب)... و بدأت النذر عندما نادي وهو علي في الصفاة قريشا  قال لهم : أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي فيقولون نعم ماجربنا عليك كذبا قط فيناديهم رهطا رهطا بالإسم ويقول إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد  .... كلام الرسول و منطقه واضح بين ... رجل عايشوه ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم و لا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ...يونس16 ) يعرفون صدقه و خلقه و حكمته علي خلق عظيم بلا نقيصة عاش  بينهم صبيا و شابا  من أشرفهم نسبا و أكملهم خلقا  صادقا أمينا يتجنب اللهوويصل الرحم ويحمل الكل و يكسب المعدوم  و يقري الضيف ويعين علي نوائب الدهر ... الصادق الأمين ــ كما كان يسمونه ــ ينذرهم بخطر يدهمهم لا فرق  بين  خطرجيش  خلف هذا الوادي يتأهب لغزوهم  ... و بين عذاب من الله  أعظم ينتظرهم ...و كان من المنطقي أن يقولوا لقد صدقناك فلا  يمكن ان تجتمع كل هذه الصفات وهذا السلوك الذي عهدناه منك إلا في نبي ... أو علي الأقل يؤمن به بعضهم و يطلب بعضهم الآخر فرصة للتفكير ....  إلا أن  المفاجأه جاءته  من عمه  أبو لهب : ألهذا جمعتنا ... تبا لك سائر اليوم .   
لقد كذبوه ... فهل كان من الممكن أن يختلف المشهد ..و ...أن يصدقوه ...لقد كان في قدرة الله أن يقذف بالهداية في قلوبهم إلا أن ذلك لا يتفق مع سنته ــ تعالي ــ  في خلقه من البشر  التي اقتضت أن يعيشوا في تدافع و في  صراع مستمر بين الحق و الباطل .... يقدم الحق فيه تجربتة لنماذج من البشر يتجلي فيها نقاء و صفاء  يقترب من خلق الملائكة ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثيرفما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله و ما ضعفوا وما استكانوا و الله يحب الصابرين ....و ما كان قولهم إلا أن قالولوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا و ثبت أقدامنا و انصرنا علي القوم الكافرين  ... آل عمران 146 , 147 )....  ويقدم الباطل  نماذج أخري يتلبس بها الشيطان فتصبح أشد فسادا و طغيانا من الأبالسة  ( و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول و لو شاء ربك ما فعله فذرهم وما يفترون ... الأنعام 112 )... و من خلال هذا الدفع و الابتلاء يكون  الفرز و تمييز الخبيث من الطيب ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)﴾ (البقرة)،
      كفار قريش كانوا يدركون معني لا إله إلا الله ... ليست عبارة ينطقونها و ... دمتم .....إنها  انقلاب .... عملية تفكيك للإنسان  الجاهلي   من نظام وثني مشوه الفطرة و الفكر  يعيش فيه عبدا لشهوته خاضعا لسلطة القبيلة ...تقاليدها و عصبيتها .... نظام عام يقوم علي العصبية  و الاستعلاء  يعتمد السلب و النهب و تثور فيه الحروب عقودا  من الزمن ...تفني فيها أجيال   بسبب هجاء شاعر مهووس  أو نزاع علي مرعي و بئر ماء .... لا إله إلا الله  كانت تعني له أن لا معبود و لا رب إلا الله ولا خضوع إلا لشريعته و منهجهـه ... أوامر... و... نواهي ... ( قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين ...لا شريك له وبذلك أمرت وأن أول المسلمين ... ,163,162 الأنعام  ) نظام جديد  سيحرمهم مركزا اقتصاديا متميزا  و دخلا وفيرا يدره عليهم  وضعهم  باعتبارنهم سدنة  للبيت و ما يحويه من أصنام و سينزع عنهم مكانة السيادة   بل و سيدفعم إلي الصدام مع قبائل العرب   ..و غاب عن إدراكهم القاصرأن النظام الجاهلي هو نظام آجل انتهي عمره الافتراضي و سينهار لا محالة  و أن نورا جديدا قد أشرق ليعم العالم كله  .... لذا كان كفرهم تخلفا غبيا و عنيدا و كانت حربهم ضد الدين الجديد حربا هوجاء  فاجرة ...
 و إني لأشهد رسول الله ساجدا يصلي عند الكعبة  فيتقدم منه عقبة بن أبي معيط فيضع سلا جزور علي ظهره الشريف  ... و إني لأراه صلي الله عليه و سلم و هو راجع من الطائف و خلفة السفهاء من غلمانها و صبيانها يطاردونه قذفا بالحجارة حتي دميت قدماه الشريفتان...  فيدعو ربه بهذا الدعاء الخالص...لا يدعوه إلا نبي متصل بالله ... ( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي و قلة حيلتي وهواني علي الناس .... يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين و أنت ربي ... إلي من تكلني ؟ إلي بعيد يتجهمني أم إلي عدو ملكته أمري ... إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ... غير أن عافيتك أوسع لي ... أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل بي سخطك ... لك العتبي حتي ترضي و لا حول ولا قوة إلا بك ...) فيرسل الله له ملك الجبال يستأذنه أن يطبق عليهم الأخشبين ( جبلين ) فيرفض صلي الله عليه وسلم  و يقول لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده .... اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون ... تصاعد الإيذاء وتعددت أشكاله بالقول و رميه بالجنون و السحر و الكهانة و الشعر  و بالحصارتجويعا  و مقاطعة.... لا تعامل ولا زواج و لا تجارة ...طالت في الشعب ثلاث سنين كادت أن تقضي عليهم لولا لطف الله الذي قيض الله لها من ينقضها من أشراف قريش ....كل ذلك  و هو صابر لم يهن و لم يتزحزح أمام وعيد أو إغراء فقد كان يثق في وعد الله بنصره.... نصرا يختلف عن نصر من  سبقه من المرسلين عندما أهلك عادا و ثمود و قوم لوط و أهل مدين و غيرهم فأبادهم ....نصر الله  كان لا بد أن يتوافق مع الغاية  من الرسالة الخاتمة المقدر لها أن  تستمر و تدوم إلي قيام الساعة .... كان صلي الله عليه و سلم يدرك بأن النصر لن يأتي بالهلاك ( وما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم  .. الآية  ..الأنفال 33  )  ....    بل  سيأتي  في صورة التمكين و الغلبة للمؤمنين ( وإن جندنا لهم الغالبون   ... الصافات 173) ....( سيهزم الجمع و يولون الدبر ...القمر 45 ) ... تنتصر كتيبة الإيمان و يزول الشرك   فيدخل الناس في دين الله أفواجا  و لأن سنة الله اقتضت ألا ينال نصره إلامن هو أهل له لذا كان العذاب و الإيذاء و التشريد الذي يلقاه أصحابه ابتلاء يصهر معدنهم ويشد من عزمهم و يرفع إيمانهم إلي مرتبة الرواد و القادة المرشحون لحمل  رسالة الهداية إلي الدنيا كلها ... و هوما حدث  و هي المعجزة الذي اختص الله بها رسوله  فليس هناك إعجاز أكبر من أن يقوم رجل يأكل الطعام و يمشي في الأسواق و لا يملك سلطانا و لا ثروة ... رجل فرد لا يملك إلا إيمانه بالله و في خلال سنوات قليله يفجر هذا الانقلاب الهائل في بنية البشر و يرفعهم من  أذلة مستضعفين في أسفل السلم الاجتماعي إلي مكانة لايزال يذكرها التاريخ (و لكي تدرك حجم المعجزة  حاول أن تقنع مجموعة من البشر برأي صائب ـ مجرد رأي ــ يخالف ما اعتادوا عليه  )  ... إعجاز و معجزة في حد ذاتها تدل علي صدق ومتانة هذا الدين و ارتكازه علي صنعة إلهية لا يأتيها الباطل من يديها أو من خلفها... ثم .... كان أن حملته إلينا عبركل هذا  القرون قلوب آمنت و أخلصت فحافظت علي الرسالة يسلمها جيل بعد جيل حتي وصلتنا نقية من التحريف مبرأة من كل دس  نافية كل خبث رغم كيد الأبالسة أعداء هذا الدين الذين لم يخل منهم لا زمان ولا مكان و لا تركوا دسيسة إلا و استخدموها  و كأنما هناك كابلات ممتدة أولها في عصر النبوة وطرفها الثاني  عندنا ــ و ليس آخرها ــ تسري من خلالها كهرباء الإسلام فتنشر النور و تمد الأرواح بالطاقة ...
وانتقل بخيالك لتعيش لحظة النصرو الفتح المبين الذي لم يشك النبي  لحظة واحده في تحقيقه (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك  إلي معاد )....  يد خل رسول الله مكه وسط  كتيبته الخضراء من المهاجرين و الأنصار علي خيولهم في سلاحهم و دروعهم  لا يري منهم إلا الحدق ومن حوله رايات القبائل المسلمة في جيش لم تر العرب مثله ...يدخل راكبا ناقته خافضا رأسه في خشوع حتي إن ذقنه لتكاد أن يمس واسطة الرحل  ...  ثم يطوف بالبيت و في يده قوس يطعن بها الأصنام فتتهاوي علي وجهها وهو يقول: جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ... وما يبدئ الباطل وما يعيد ...ثم ....يقف  القائد الفاتح المنتصر بباب الكعبة و قريش تقف صفوفا تحت قدميه  فقد آن لهم ألا يسمعوا إلا صوته.... يسمعونه في سكون ورهبة  ... فقال : لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده و هزم الأحزاب وحده... ألا إن كل مأثرة و مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ...يامعشر قريش ..إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ....الناس لآدم وآدم من تراب ( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثي و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ...)
أجال نظره فيهم ...ثم قال : يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم ؟؟؟؟
الآن حانت الساعة ...
و لعلهم تذكروا ردهم عليه في أول جهره بالرسالة  يوم ناداهم من فوق الصفاة فقال له عمه أبو لهب  حينئذ (تبا لك ...)
أما و قد تمكن منهم فليس اليوم كالأمس ...يردون في انكسار.... قالوا : خيرا أخ كريم و ابن أخ كريم ...
فينطلق صوت الرحمة المهداه
فإني أقول لكم كما قا ل يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم ...اذهبوا فأنتم الطلقاء
صلي الله عليك يا سيدي يا رسول الله و اعتذر إليك عما أصاب أمتنا من عجز وهوان و هي تحمل أسماء السلف العظام و بين يديها تراث لا ينفذ من العزة و المجد 
واعتذار خاص ــ كله ألم و وجيعة ــ عن كل من يخون اسم محمد الذي يتسمي به...