النيل
كان زمان نجاشي
قال له
ــ كل يوم مفاجأة مهببة سوداء ... كارثة ... عمارة
انهارت علي دماغ أهلها ... أو صخور تنقض علي البيوت فتسحق عظام البشر تحت
الحجر .... بتواطؤ و غدر من البشر ...
قضية رشوة أو فساد متخمر عفنت من
مدة ... رفعوا عنها غطاء برميل الزبالة ( لا تسأل كنتم فين م! ! ! ن زمان ؟؟) ....
بطلها واحد نافذ متنفذ كان يستند إلي جدار
تعرض فجأة إلي الإزالة ... قانون يتم
تمريره بليل يصادر مابقي من انسانيتنا
ويعتقل شعاعا شاردا قد يبعث بصيصا من الأمل في تغيير ما .... و يبني سورا فولاذيا لكتم الأنفاس و منع
تهريب نسمة من الحرية عبر نفق لا ضوء يلوح
في آخره ... غرق عبارة أو معدية ...أو مركب عليه شبان طفشانين
إلي المجهول أو أي إلي داهية أفضل
من شوارع الصياعة و
البطالة ... و.....
قاطعة
ــ ياعم كفي ... قلبت علي الموا جع ...
استمر
ــ وكله كوم ...
و ما حدث بشأن نهر النيل شئء لا يصدق....
قال
ـــ وما هو الذي لا يصدق ..؟؟
ــ أن نصحو من النوم
في الصباح الباكر لنفاجأ بواحد
قاعد علي منبع النيل ممسكا بمحبس المياه و يقول مفيش ميه ... اشربوا من البحر
الأبيض و إذا لم يعجبكم اشربوا من البحر
الأحمر ..
ضحك ...
ــ ذكرتني بالعبارة المنحوسة الذي
أطلقها سالف الذكر في وجه
الأمريكان و اليهود عشية حرب 67
... قالها متحديا و لكنهم اعتبروها دعوة
كريمة استجابوا لها و لبوها علي الفور...
و كان أن احتلوا سينا ء و و صلول إلي قناة السويس التي تجمع مياه البحرين الأبيض و
الأحمر ...
قال معاتبا ..
ــ و هل هذا أوان الضحك ...؟؟
شوح بيده ...
ــ و ماذا تريد مني أن أفعل ... هل أبكي ....؟؟ ... لقد
جفت الدموع منذ أمد بعيد...
رد في ألم
ــ هذه المصيبة ليست مثل غيرها ...نقطة الماء وشريان
الحياة ... كما قال شوقي ( و ما هو ماء و لكنه وريد الحياة وشريانها ) ... هذه أم الكوارث ... مصر هبة النيل تصبح رهينة
في قبضةمن لا يرحم ...
ــ من هم ؟؟
ــ يهود بني
إسرائيل ...أصدقاؤنا... الذي لم يكفهم أنا زرعنا من أجلهم الخيار الاستراتيجي ... و لم يسعدهم هدايا
الغاز و البترول بسعر رمزي ــ يا رب يولع
فيهم ــ... و لم يقنعهم أننا أعلنا ... ونشرنا ... وحلفنا بالطلاق ... و بلغنا طوب الأرض و صرخنا في كل
ميكروفونات الدنيا ... يا عالم يا هوووه
... حرب أكتوبر هي آخر الحروب مع أنهم لم يتوقفوا عن شـن الحرب يوما واحدا
... أشعلنا أصابعنا العشرة لهم شمعا ...حاصرنا حماس ــ مع أنهم&nb! ! ! sp; في القليل يشغلون عنا عدوا لئيما ــ تواطئنا ضدهم
و هدمنا الأنفاق ...و أقمنا أول
سور حديدي ـ في العالم و في التاريخ و الجغرافيا
ـ تحت الأرض من أجل أولا د( النظيفة ) اليهود ضد اولاد ( الوس...)
المسلمين الفلسطينين ...و أيضا سبـبـنا
لهم الدين ... رسميا في بيت الشعب
....الذي يخرج من معبر رفح من (
أولاد دين ال....) أو يعود إليه لا يضمن
أن يتم الاحتفاء به ضيفا و ( ترانزيت ) علي مسالخنا .... يعني التعاون الأمني علي
ودنه ... نقوم بدور الوسيط النزيه ــ يعني علي الحياد و ما لناش دعوة ــ بين أبو
مازن و أي واحد تاني يختاروه... باراك...شار! ! ! ون.... أولمرت ....الحية ربيـبة
الموساد ستيفني ... الحرباية نتانياهو .... يتداولونه فيما بينهم لعبة و تسلية و يشقطوه لبعضهم البعض
.... دورنا المحبب لدي الجميع هو زرع سراب التفاؤل ... و التأكيد علي دوام مسلسل التفاوض المستمر عرضه منذ عشرين سنة بلا
كلل ولا جديد حتي صار إدمانا و كيفا و مزاجا للإخوة أصحاب القضية ...و كلما
عصلجت أو زرجنت و زادت عن الحد و بوخت يأتي أبو مازن ليتعاطي جرعة الحكمة
المعتادة و شوية شحم لزوم تليين التروس ... و يخرج بعدها
ليتحدث عن الخيار الاستراتيجي و التمسك بأحلام ! ! ! اليقظة و الهدية التي ستسقط
فوق رأسه بالبراشوط اسمها إيه التي عاصمتها القدس ... و ..
قاطعه ...
ــ لقد ذهبت بعيدا ... أنت تتكلم عن إسرائيل وجرايدنا و
إعلامنا المحترم يتحدث عن وجود مشكلة
هايفة افتعلتها بعض من دول حوض النيل و بالتحديد الحبشة التي صدقت غنوة ( النيل نجاشي ) ... ولأن النجاشي ملك الحبشة
مات من زمان وشبع موت ... فإنهم يريدون تعديلها ليكون النيل ( زيناوي ) علي إسم
رئيس وزراء الحبشة الحالي ....
في لامبالاة ...
ــ و ما ذا تتوقع من إعلام مأزوم ... ظل يكذب و يكذب حتي
كتب عند الله كذابا ... و ظل يلطش و يهبش و يدلس حتي كتب عند الناس هجاصا
... ماذا يقول الإعلام عن وكسة و نكسة تشبه مصيبة 67 التي صاحبها غرور ( ولا يهمك من الأسطول السادس ياريس ... و
اللي مش عاجبه البحر الأبيض يشرب من البحر الأحمر
.. و قول المشير عامر برقبتي يا
ريس ) لذا كانت
الهزيمة صادمة ماحقة ... ! ! ! و
اليوم لا يجدون سوي ورقة الحقوق التاريخية في اتفاقية مع السودان نتكلم عنها في عنجهية
الفراعنة الغابرين... فلس... فلس من
جارعليهم الزمن و عزيز قوم ذل ... سرعان
ماجاء الرد عليها ... انقعوها ـ في ميه
ــ و اشربوا ميتها ... و أيضا ممنوع استخدام مياه النيل ـ نيلنا و مياهنا
ــ في نقعها...
يابني ...
موازين القوي اختلفت و نحن في غيبوبة مصر الكبيرة و الحقوق التاريخية .. الكبير هو
الذي يحافظ علي مكانته و يدعمها باستمرار .... يغذيها بالتواجد علي الساحة بالوفود
و البعوث ...يسعي إلي مد يد العون و
المواساة العملية ... يتبادل الخبرات و
يتوسط و يسعي و يكون له وزن و كلمة في حل
المشاكل ... الكبير ــ حتي يكبر في عيون
الدول ــ لابد أن يكون كبير بـناسه و شعبه
أولا ... لا يذلهم و لا
يستهين بهم و لا يقمعهم و يجثم علي نفس أهلهم .... يرتقي بهم و يعتز برأيهم ... و ينمي مواردهم ... بعلمهم يقول ....أنا كبير ..... و باقتصادهم
يفخر بالغني و الوفرة ... و بحريتهم يضع أصبعه في عين من يشكك في
شرعيته.... أما الاستناد إلي التاريخ
فهي غنوة نشاز و لغة عصر الإبل و رعي المعيز ... و فاقد الشيئ
لا يعطيه يا بابا ..... اسرائيل ـ النووية
التي تحترم شعبها و المتقدمة صناعيا و علميا و الذي ليس عندها وزير مالية يلعب
بالموبايل أثناء مناقشة الميزانية ... و
لا رئيس وزارة يلوح بالعلم في ماتش كورة و إنما يلوح بقبضته في وجه الجميع ــ
تعمل منذ عشرات السنين علي بناء علاقات قوية مع دول حوض النيل و تمدهم
بالخبراء و المعونات خاصة في مجال الزراعة
و التسليح و التدريب العسكري....و تقدم الدعم الفني و التمويل لبناء السدود
..... الزيارات و الوفود الشعبية و
الرسمية بينها و بينهم لا تنقطع .. الغرض
واضح هو رد الجميل لنا بالتحريض ودق الإسافين ....
قال مندهشا ...
ــ و أين النشامي من رجال الخارجية و الدبلوسية و الحل و
العقد...
ــ في غيبوبة ... لا شطارة ولا عنترية إلا علي اليتامي و
الحيطة الواطية من أهل غزة و التهديد بكسر رجلهم ... يا ليت كان انسحابنا من
السياسة قاصرا علي الداخل فقط رغم انعكاسه علي الخارج و ما صاحبه من انهيار و
تدهور في بنية المجتمع في كافة مجالاته و نـتج عنه شعب فاقد الرؤية و الهمة... مسلوب القدرة و الفعل ـ حتي في الحد الأدني منها ــ علي الغضب و
الاحتجاج ... و لكننا أيضا انسحبنا من السياسة في الخارج فلا علاقات إلا مع الدول
التي لها مصالح لدينا و هي الدول الكبري ... نأخذ الإعانة نظير
استغلالها لنا ...و دمتم ...نتبع سياساتهم
قدما بقدم نعادي من تعادي و نتزلف
لمن ترضي عنه... و والمثل الفاقع هو
علاقاتنا المسدودة بالمتاريس مع سوريا و
إيران و قطر و الجزائر ... أما بقية العالم
فالعلاقات يحكمها المثل ( يا جاري مالك و مالي
أنت في حالك و أنا في حالي )... وجهها نحو أوروبا و أمريكا و ظهرها
لأشقاءها و أهلها من العرب و سمحت للأحقاد الصغيرة أن تتضخم و أن يتلاعب
بإعلامها الأقزام و خاصة الدخلاء (من
بتوع الكورة ) و فضلت القطيعة و
الردح علي ضبط النفس و التواصل مع ذوي
القربي ... ثم كانت الخيبة ال! ! !
كبيرة في
التعالي علي الأفارقة السود...لا تعاون اقتصادي و لاتجارة ولا تبادل ثقافي
و لا ــ حتي ــ زيارات ...أما المؤتمرات فيكون تمثيلنا فيها بالمستوي الأدني (
تسديد خانة ) .. لقد استقلنا من أفريقيا منذ أن رفعنا شعار الضياع (مصر أولا و أخيرا ) ...و لولا ماتشات الكورة لقلنا عند مشاهدة أي
واحد أسود أنه أمريكي من جماعة أوباما .. من سنـين نفضنا يدنا من القرن الإفريقي و تركنا الحرب
تطحن الصومالي مع الإرتريري في الحبشي و قلنا ( مالناش دعوة .. ياكللوا بعض)... و
قفنا علي الحياد أو ( كبرنا دماغنا ) حتي سقط جنوب السودان بما يمثله كموقع له
وزنه متحكم في منبع النيل ... و بثروته من
البترول تركناه للمبشرين يستولون
عليه غنيمة باردة... و في ا! ! ! لنهاية
لم يعد أحد يسأل أين أنتم ؟؟؟؟... و لم يعد هناك حاجة للمقارنة بين من يمنح
المليارات و بين من لا يملك إلا العنطزة .... و المعروف في السياسة الدولية أنك لو
تركت مكانك شغله علي الفور غيرك لذا كانت إسرائيل ـ المتحفزة لحصارنا وخنقنا عند
اللزوم ــ دائما حريصة علي التواجد في المناطق المتحكمة في أمننا من الجنوب .... في مدخل البحر الأحمر و دول منابع النيل
....
قال معقبا
ــ مع أن هذه المناطق هي ملعبنا الخلفي و الصلات
المشتركة بيننا و بينهم أقوي و أقدم ... و
من السهل أن نستعيد القبول عندهم ... المسلمون يمثلون نسبة كبيرة من السكان ـ إن
لم يكن أغلبية في بعض الدول ـ و لا زال الإسلام حيا تنبض به القلوب بعد أن استعصي علي الإبادة التي
مارسها الإستعمار الصليبي الغربي و قوافل المبشرين وقوي التعصب الأسود المحلية و
لازال المسلمون يتعرضون كطائفة للمضايقة و التهميش وسط جو من الطرمخة
لحكام المسلمين
الذي يسعدهم و يطربهم تراجع الدين و انزوائه في مكان ما بلا حس ولا خبر ... و رغم تكالب كل هذه القوي
ــ علي حبسه في القلوب و أغلاق كل سبل
التواصل علي أساس من العقيدة فإن تيار من كهرباء التآلف و التعاطف يظل ساريا في الأبدان لا يمكن تجاهل أثره.. ولا شك أنهم رصيد و بيئة مساندة لو تو! ! !
جهنا لهم بما يجب من الإهتمام و تخلينا عن قيود العلمانية البائسة ...و أظن أن بعثات الأزهر ــ بلاش إخوانا التانيين ــ لا زالوا
موضع احترام و ترحيب ... ابعثوهم و دعوا كهرباء الإيمان تسري ...الناس هنا و هناك يحبون الخير و الساعين
إليه .... عندنا فائض في الأطباء ...
افتحوا لهم سكة ... لدينا مستثمرين
رجالة يخافون الحرام محاصرين في
بلدهم ... سهلوا لهم طريق ....نريد لحما رخيصا
... عندهم ...مراكز البحوث في
البلدين ...لماذا لا يتعاونون في برامج
علمية وعملية و المجالات بلا حدود ...لدينا هيئئات للإغاثة ! ! ! طبية علي دين و
مستوي تخصصي متعطشة للخدمة ...عندهم مشاكل
حدود مع جيرانهم ... نتوسط .... كل المجالات
الرسمية و الشعبية مفتوحة ... حتي ...لو أراد وزير داخلية التعليم ــ إبن
اللواء زكي بدر ـ تأديب مدرسين كسالي أو
مشاغبين أو (مش علي معدته ) ... ينقلهم إلي أوغندا عند ( موسيفيني ) و هوسيقوم باللازم ... و ...
أحسن من الصعيد...
قال يائسا ...
ــ هذا ما كان يجب أن يفعلوه من سنين....لقد أضاعوا وقتا
ثمينا ...
ــ و لكن الفرص لازالت متاحة و الأمل موجود ...
أشاح بيده ..
ــ الهرولة في الاتصالات التي أعقبت انفجار المشكلة تبين
مدي الارتباك و عمق الأزمة التي وضعوا أنفسهم فيها ...إنهم يتسولون الوساطات ..و
يعرضون معونات سخية أشبه بالرشاوي ..و لا أشك أننا سنحصل علي اتفاق ما.... لابد
فيه من تنازل معتبر سيصورونه فتحا و نصرا مبينا كاسحا لمصر الكبيرة ... و ... بعدها... ستصبح حقوقنا التاريخية مزارا سياحيا مكانه أحد
المتاحف الفرعونية القديمة.... اليوم ليس كالأمس ..و لا من ضيع فرصة سيجد غيرها
....
سكت قليلا ثم سأل
ــ لماذا كان هذا التعتيم علي الأزمة مع دول حوض النيل و
هي مشكلة كانت تتفاقم من سنين ... لماذا تجاهلوا خطرها و كتموا عليها ... هل ظنوا
أنها مثلها مثل اي مشكلة محلية يعجزون عن حلها
فيحيلونها إلي نظام الطناش العظيم ؟؟؟.... و لماذا أخفوها عن الناس حتي تغاجأوا بانفجارها ...أليس من حقهم أن
يعرفوا عن أخطر أزمة تهدد وجودهم ؟؟؟... هل يحكمنا نظام سري ؟؟؟
فكر لحظة ثم قال
...
ــ لو أصرت
الحبشة علي تنفيذ مشروعاتها و
أقامت الحبشة السدود و تحكمت في نصيبن من الماء...
رد بسرعة ...
ــ عندها لا سبيل لنا إلا الصلح مع حماس ....
نظر إايه في دهشة ...
ــ هل تقصد نفتح معبر رفح و نزودهم بالسلاح ونشجعهم علي
المقاومة ...
ضحك ...
ــ
يا عم ... أنت رحت بعيد... أقصدالاستعانة
بحماس لحفر نفق من منابع النيل ... حتي دمياط